رؤية التحديث الاقتصادي
تُمثِّل رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن خريطة طريق استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، ورفع مستوى معيشة المواطنين، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وانطلقت هذه الرؤية استجابة للتحديات الاقتصادية المتراكمة، التي تشمل ارتفاع معدلات البطالة، وتباطؤ النمو، وتذبذب البيئة الاستثمارية، فضلًا عن التحديات الإقليمية والدولية التي أثرت في تدفقات التجارة والاستثمار. وفي الوقت نفسه، سعت الحكومة الأردنية من خلال هذه الرؤية إلى تحويل هذه التحديات إلى فرص حقيقية تعمل على بناء اقتصاد أكثر مرونة وإبداعًا.
مكونات الرؤية
تتركز رؤية التحديث الاقتصادي على حزمة من المحاور والإصلاحات الهيكلية التي تغطي قطاعات متنوعة، بدءًا من الإصلاح المالي والنقدي ووصولًا إلى تطوير بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمار. وقد تم وضع هذه الرؤية بالتعاون بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، حيث تم الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تبنِّي سياسات جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وترسيخ ثقافة الابتكار والبحث العلمي في مختلف المجالات. كما تضع الرؤية أهدافًا طموحة لزيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي، عبر توجيه الدعم لقطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة.
الأهداف
من بين أبرز أهداف رؤية التحديث الاقتصادي التركيز على تنمية رأس المال البشري. إذ تسعى الرؤية إلى تطوير مهارات الشباب الأردني ورفع كفاءتهم عبر التعليم والتدريب التقني والمهني، بما يضمن مواكبة سوق العمل المتغيرة ويُعزِّز روح الابتكار وريادة الأعمال. وتأتي هذه الخطوة استجابة لاحتياجات القطاعات الاقتصادية الحالية والمستقبلية، فضلًا عن المساهمة في الحد من مشكلة البطالة من خلال إيجاد فرص عمل جديدة ومتنوعة.
كما تولي الرؤية اهتمامًا خاصًا بتعزيز بيئة الاستثمار وتطوير البنية التحتية الداعمة للنشاط الاقتصادي. لذا تتضمن خططًا لتبسيط الإجراءات الإدارية والجمركية والضريبية، فضلًا عن إصلاح التشريعات الناظمة لبيئة الأعمال؛ بهدف زيادة الشفافية وتعزيز الثقة بين المستثمرين والحكومة. وترتكز أيضًا على بناء شبكة متطورة من الطرق والاتصالات والطاقة والموانئ، ما يدعم قدرة الأردن على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويساهم في تسهيل التبادل التجاري مع دول الإقليم والعالم.
وتعتمد الرؤية كذلك على دعم القطاعات الإبداعية واستغلال فرص الاقتصاد الرقمي. ففي عصر التحول الرقمي، تُعد التكنولوجيا عنصرًا أساسيًا في تحقيق النمو الاقتصادي، وتعمل الرؤية على ترسيخ دور الابتكار في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني، من خلال تطوير بنية تحتية رقمية قوية وتمكين رواد الأعمال والشركات الناشئة. كما تسعى إلى توسيع رقعة الخدمات الحكومية الإلكترونية، بما يحقق كفاءة أعلى في الأداء ويحفِّز الإنتاجية.
على صعيد متصل، تركِّز الرؤية على ترسيخ مبادئ الاستدامة وحماية الموارد الطبيعية، وذلك عبر تعزيز الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة وتحلية المياه وتحسين إدارة الموارد المائية والزراعية. إذ يُعدُّ تحقيق أمن الطاقة والمياه ركيزة أساسية في بناء اقتصاد resilient قادر على مواجهة الصدمات المستقبلية. وتتضمن الرؤية تشجيع الشركات على تبنّي الممارسات الصديقة للبيئة وتعزيز استخدام التقنيات المستدامة في قطاعات الإنتاج والخدمات.
خلاصة
باختصار، تهدف رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن إلى تحقيق قفزة نوعية في أداء الاقتصاد الوطني، من خلال تطوير منظومة شاملة ومتوازنة للإصلاحات الهيكلية والقانونية والتقنية. ويعكس هذا المشروع الطموح التزام الأردن بمواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية، وبناء اقتصاد تنافسي يستجيب لتطلعات المواطنين، ويمكِّن الشباب من لعب دورٍ محوري في دفع عجلة التنمية. ومع التطبيق الفعلي لهذه الرؤية وتكامل جهود الجهات المعنية، يتطلع الأردن إلى مرحلة جديدة من الازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.